تعدُّدُ زوجاتِ النبيِّ ﷺ هو من أدلة صدقِه ، وبيانُ ذلك أنَّ الزوجات هنَّ أعلمُ الناسِ بأزواجِهِنَّ من حيث الصفات الخَلْقيّة والخُلُقيّة ، وجميعُهُنَّ أطبقْنَ على حسنِ صفاتِه سواءً بمقتضى الحال أو اللسان ، ولستُ هنا أنقلُ كلامَهُنَّ الذي يُثْبِتُ انتقائيّة مثيرِ هذه الشبهة لأنه أخذَ من الأخبار عدد زوجاتِه ولم يأخذ كلامهن !
إنما أردتُ إثباتَ ذلك عقلاً من خلال مقتضى حالِهِنّ .
قال الله تعالى :
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا)
[سورة اﻷحزاب ]
يقول المفسِّر ابن سعدي - رحمه الله - :
[لما اجتمع نساء رسول اللّه ﷺ في الغيرة ، وطلبن منه النفقة والكسوة ، طلبن منه أمرًا لا يقدر عليه في كل وقت، ولم يزلن في طلبهن متفقات، في مرادهن متعنتات، شَقَّ ذلك على الرسول، حتى وصلت به الحال إلى أنه آلى منهن شهرًا] ا.هـ.
فأمَرَهُ اللهُ أن يُخَيِّرَ نساءَه بالبقاءِ معه أو تسريحِهِنَّ بمعروف ، فاخترْنَ جميعُهُنَّ البقاءَ معه مع أن بقاءَهُنَّ مشروطٌ بالصبرِ على ضِيق حالِه ﷺ ، وعدمِ الزواجِ بعد موتِه ، ومضاعفةِ العذابِ عليهِنَّ إن وقعْنَ بفاحشة.
وإطباقُهُنَّ على البقاءِ معه وتركِ زينة الحياةِ الدنيا دليلٌ على قوةِ إيمانِهِنَّ به وكمالِ خُلُقِهِ وصدقِهِ ؛ إذ الإنسانُ لايحبُّ الجلوسَ مع سيءِ الخلُقِ فضلاً عن العيشِ معه ، وإطباقُ تسعةِ نسوةٍ أقوى في الدلالةِ من واحدة !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق