الأربعاء، 23 يناير 2019

كيف يرى العقلاء ظاهرة الكسوف ؟

  • الكاتب
    المُهَنَّد
  • تاريخ النشر
    يناير 23, 2019
  • الأقسام


الشمس والقمر من مخلوقات الله تعالى ، ومن أعظمِ الأدلة على أنّ لها خالقاً هو علم الإنسان المسبق بحدوث الكسوف والخسوف ؛ إذ إن ذلك - أي : العلم المسبق بحصولهما - لم يكن لولا الإحكام والدّقة في سير الكواكب والأجرام السماوية ، والإحكام والإتقان لا يكونان إلا بعلم الفاعل وحكمته ، فيأتي السؤال التالي : 
 عرفنا (كيفية) حصول الكسوف والخسوف ، فما الغاية من إحداث الخالق لهما ؟ 
تأمّل هذا السؤال جيداً تجدُ أنّ الأغبياءَ حين عرفوا (كيفية) حدوثهما - وهو الذي أشرتُ إليه في الشقِّ الأول من السؤال -  غرهم ذلك وظنّوا أنهم وصلوا إلى الغاية في العلم ، فكانوا ممن قال الله تعالى فيهم : ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ ، أما العقلاء يعلمون أن الجواب عن ( الكيفية) ليس بكافٍ ولا يُشبع نَهم الإنسان المعرفي ، بل هناك مرتبة أخرى في السؤال يغض الطّرف عنها من أخلد إلى الأرض واتّبع هواه ، ألا وهي : ما الغاية من إحداث الخالق لهما ؟ ولا سبيل لنا إلى معرفة مراد الله وحكمته على وجه تطمئن إليه النفوس إلا بالرجوع إلى الوحي ، وإذا رجعنا إلى الوحي فأول ما ينكشف لنا من الحِكَمِ هو أن الخالق تبارك وتعالى « يخوف بهما عباده » ، كيف لا وهم يشاهدون أعظم المخلوقات المتصلة بالأرض مقهورة تحت قدرته وسلطانه يتصرف بها كيف يشاء ؟! 
يكاد القلبُ أن يقف من الخوف والرهبة على ما بدر منه من تقصير تجاه من ذلّ له ما هو أكبر من الإنسان في الحجم وأعظم ، ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا ؟  * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا  * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا  * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا  * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ  * فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَىٰ * يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَىٰ  ... ﴾ إلى آخر الآيات . 

تأمل كيف أنه في البداية ذكر (عِظَمَ) السماء وما تحتويه بالنسبةِ للإنسان ، ثم ختم الآيات بما يتعلق ببدء القيامة، وما يليه من مجازاة الإنسان على عمله ، وهذا الذي يجب علينا أن نستحضره في الكسوف والخسوف وغيره فنهرع إلى التوبة والصلاة والاستغفار لا لمجرد حصول الكسوف والخسوف ، بل لمعنىً أُضيف إلى حصولهما وهو أننا سنقف - نحن معشر البشر - عند من خضع لقدرته الأكبر والأعظم من مخلوقاته والإنسان من باب أولى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق