الجمعة، 21 فبراير 2020

نقد الدين ينبني على الإقرار بكمال الخالق !







إن من أدلة فطرية وجوب كمال الخالق تبارك وتعالى هو أنك لا تجد من يحتج على بطلان دينٍ ما بأنه يأمر بالعدل وكل ما فيه صلاح الإنسان ، أو ينهى عن الظلم وكل ما فيه ضرره ، وأنه يُخبر بما يطابق الواقع ( الصدق ) ، وإنما تجدهم يحتجون بوجود نقيض هذه الأشياء؛ إذ أنّ وجودها يقتضي أحدَ أمرين لا ثالث لهما :

الأول : عدم نسبتها إلى الخالق .
الثاني : الخالق يكذب ويأمر بظلمٍ وبما فيه ضرر الإنسان، وينهى عن عدلٍ وما فيه صلاحه .

والثاني لا يشك عاقلٌ ببطلانه؛ لأن القول به يستلزم مقولةً يعلم الإنسان بفطرته بطلانها - وبطلان اللازم يدل على بطلان الملزوم - واللازم هو : أن المخلوق المفتقر أكمل من الخالق الذي لولا وجوده ما وُجد مخلوق على الإطلاق!

فوجود مخلوقٍ واحدٍ يتنزه عن الكذب والظلم والأمر بما يراه قبيحًا ، والنهي عن عدلٍ وحسنٍ يستلزم تنزه الخالق عن هذا كله ، وإلا كان المخلوق أكمل من خالقِه وخالقِ صفاته ! كما أنّ المخلوق لا يكون أعلم من الخالق ليُقال أن الخبر المضمّن في الدين - المخالف للواقع - لم يقصد الخالق الكذب حين أخبر به ؛ لأن هذا في حقيقته ادعاء أن المخلوق أعلم من الخالق - الذي وهبه أسباب العلم - حين علم المخلوق عدم المطابقة وجهلها الخالق - تعالى وتقدَّس - !

- ونفي وجود مخلوقٍ يتنزه عن كل الكذب والظلم ليقال بعد ذلك أن نسبة القبائح إلى الخالق لا تقتضي كون المخلوق أكمل منه هو اعتراف من النافي بعدم تنزهه عن الكذب والظلم ، ومثل هذا السوط أنفع له من الحوار والمناقشة !

فالخلاصة أنّ الطاعن في أي دين لا بد وأن ينتقل من وجوب كمال الرب لِيكون لطعنه معنى وقيمة، وإلا كان إما قائلاً بأكملية المخلوق على الخالق وإما بعدم تنزهه - أي تنزه الطاعن في الدين - عن الكذب والظلم وسائر القبائح على تقدير أنه يقر بالوجود الموضوعي للحسن والقبيح وإمكان معرفتها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق