عِلْمُ الرسل أهمُّ من علم الطب ، وأعني بعلم الرسل هو ما لا تستقيم حياة الإنسان إلا به ...
كالإجابة على سؤال مَن هو الخالقُ ؟ وماذا يريدُ منّا ؟ أنتبع الأخلاق المغروسة في فطرنا أم نتبع نوازعنا الأنانية ؟ وما فائدة الأولى إذا كان في الثانية تحقيق متع الحياة ؟
مثلُ هذه الأسئلةِ وغيرها أصيلةٌ في النفس البشريَّة ، وغيابُها طارئٌ يطرؤ على الوعي ، أما علْمُ الطبِّ فهو يعالجُ ما يطرؤ على الجسدِ ، والأصل أن الأجسادَ سليمةٌ معافاةٌ لاتحتاجُ إليه .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى : أنَّ العقلَ وبالٌ على صاحبه إن لم يصلْ لإجابةٍ حاسمةٍ عليها ، لأنها من الأسئلة المصيريَّة التي لا تقبلُ أن تكونَ عُرضةً للاختلافِ وتعدُّدِ الآراء ، كما أنه يترتَّبُ عليها لوازمُ عمليّة !
فالحيرةُ في دون ذلك تقلبُ حياةَ الإنسانِ إلى همٍّ وشقاء ، فكيف بشيء عليه مدار القيمة والمعنى ؟!
ولا يعني ذلك أن يتبنى الإنسانُ أيَّ مذهبٍ لخداعِ تساؤلاتِه ، بل هي تحتاجُ إجابةً مدعّمَةً بأدلةٍ كقوَّتها في تسلُّطِها على التفكير ..
غير ذلك : لاحاجةَ لتطبيبِ جسدٍ ألجمتْ عقلَه أسئلةٌ مُلِحَّةٌ فأتعبَتْه ، وروحُه خواء !
فما الداعي الذي يجعلُ المضطربَ في مسألةِ الوجود يتشبَّثُ بالحياةِ في ظلِّ غيابِ المعنى للحياةِ نفسِها ؟!
لا شيء !! ولذلك تجدُ أنّ أكثرَ الناسِ انتحاراً هم المنكرون للرسالات ! (1)
أما لو افترضنا انعدام الطب دون علم الرسل فلا يزال للحياة قيمة تستحق العيش من أجلها والصبرُ على نكدها .
هذه المقارنةُ لا أريدُ من خلالها التقليلُ من شأن الطب ، فكلُّنا يعلمُ مدى أهميته ولا ينكر ذلك عاقلٌ ويكفينا أيها المسلمون هذا النص النبوي في الحثِّ عليه والبحث فيه إذ يقول صلى الله عليه وسلم ( ما أنزل الله من داء إلا وأنزل معه الدواء علمه من علمه وجهله من جهله) فكلما أيس الباحثُ المسلم من إيجاد العلاج دفعه وحيٌ سماوي أخبر عن وجوده !
فالمراد هو بيان تهافُتِ مَن زعمَ أن التقدُّمَ العلميَّ الماديَّ يُغنينا عن علمِ الرُّسُل ، فاخترت منها أجلَّ علومِها وأنفعِها للبشرِ ؛ لِيظهرَ بطلان القول .. ثم بيانُ تكاملِ العلْمين بالنسبة للإنسان ، فإن كان عِلْمُ الطبِّ يُعالِجُ جسدَ الإنسانِ ، فعِلْمُ الرُّسُلِ يأتي بقيمةِ وجودِه ومعنى الحياة !
______
(1) http://cutt.us/rlw7o
نشرته في صفحة براهين النبوة :
https://t.me/b_alnboh
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق