السبت، 22 يونيو 2019

عدم إدراك كيفية الشيء لا يبرر إنكار وجوده !

  • الكاتب
    المُهَنَّد
  • تاريخ النشر
    يونيو 22, 2019
  • الأقسام


تخيل معي أنّك خرجت من غرفتك وهي على أعلى ما يمكن من الفوضى، وأغلقت الباب جيداً بعد خروجك، بحيث تعلمُ يقيناً أنه لن يستطيع أحد الدخول بعدك، بعد ساعةٍ عُدت إليها، فوجدتَ الغرفة قد رُتبت على أحسن ما يكون  .. رجعتَ إلى الوراء مندهشاً ، ثم توجهتَ إلى إخوتك لتحكي لهم ما رأيت، فقال لك أحدهم : " إذا لم يفعل هذا أحد من البشر ، فهو بلا سبب ! " وقال الآخر : " بل لا بد له من سبب، وهذا السبب إما أن يكون من البشر، ودخوله للغرفة ثم خروجه منها كان [بخرق للقوانين الفيزيائية] ، وإما أن يكون من [غير البشر] ممن لديه قدرات على فعل هذا"
أيهم أكثر منطقية ؟
بلا شك .. صاحب القول الثاني هو الأكثر منطقية، ومن هذا المثال تعلم أن التوقف في إثبات وجود الخالق تبارك وتعالى أو إنكاره ليس ناشئاً من حكم العقل بــ [ إمكان وجود الأشياء وإتقانها من غير سبب]، بل هي عند غالب الملحدين - إن لم يكن كلهم - ناشئة عن خلطهم بين التعقل والتصور ، فهم لما لم يكن بمقدورهم تصور (حقيقة) تلك الذات المغايرة لذوات المخلوقات، أطلقوا رصاصة الرحمة على العقلِ وفقدوا - بفقده - تعقّل وجودها !

فهناك إذن فرق بين إدراك [معنى] الذات الأزلية المتصفة بالكمال المطلق ثم [ الحكم] بوجودها اعتماداً على مقدمات عقلية وحسية معاً، وبين إدراك [ حقيقتها ] في الواقع؛ ففي المثال السابق يحكم العقل بضرورة (وجود) سببٍ متصفٍ بصفات لولاها لم يكن بمقدوره أن يحدث التغير الحاصل في الغرفة - وبالتالي لن يحصل التغير - مع أننا نجهل تمام الجهل (كيفية) تلك الذات ، وكيفية مباشرتها لذلك الفعل  ، ومن نازع في ضرورة السبب لأنه يجهل كيفية كل ذلك حكمنا بمخالفته لسبيل العقلاء؛ لأن الحكم بوجودها لا يتوقف على إدراك كنهها وكيفيتها !
وأذكر أنني حين أوردت المثال على أحدهم قال : ( أنت تفترض افتراضاً غير معقول ثم تحاكمني إليه ! )
غير معقول !! إذن أنا وأنت نتفق على ضرورة وجود سبب كافٍ يُفسر وجود الحادث، وما قولك هذا إلا حكم ضمني باستحالة حصول - أو حدوث - الترتيب المفترض للغرفة بلا سبب يعلم ما يفعل، أما وقد حصل في الطبيعة؟! فلِمَ لا تقول هذا فيما نشاهده من ترتيب وإحكام في الذرة وحتى المجرة ؟!





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق